احمدربيع المدير
عدد الرسائل : 763 العمر : 49 اعلام الدول : تاريخ التسجيل : 01/07/2008
| موضوع: الي كل من فقد حبيبا الإثنين يوليو 14, 2008 4:34 pm | |
| السلام عليكم ورحمة اللة وبركاتة الي كل من فقد حبيبا تتوالى الأخبار كل لحظة من ليل أو نهار عن الأحبة الراحلين عن هذه الدنيا الفانية، وتتنوع الأسباب التي ينزل بها حكم القضاء فيهم، والنتيجة واحدة (الموت) الذي لا مفر منه ولا مهرب.
وما من حالة فراقٍ من هذا النوع إلا ولها أثرها العميق في نفوسنا جميعاً لأن الموت هو الواعظ البارز الذي يفهم لغته الناس جميعاً، فهو لا يحتاج إلى شرح وتوضيح، ولا تحتاج لغته العالمية الواضحة إلى ترجمة أو بيان.
هنالك قصص مثيرة تحدث في زماننا هذا عن أسباب متعددة لوفاة الراحلين من البشر، في بعضها من التأثير والإثارة ما يزيد الإنسان عجباً من هذه الأسباب التي يقدر بها الله سبحانه الموت على من يشاء من عباده ومن ضعف الإنسان وغفلته إذا نزل القضاء.
إن من ذلك لعبرة لأهل العقول الناضجة، والقلوب الحية.
أبٌ يروي قصة احتراق ابنه في المنزل أمام عينيه وهو عاجزٌ عن عمل أي شيء، حتى حينما حاول بدافع من عاطفة أبوته أن يستجيب لصرخات فلذة كبده أمسك به الناس مانعين له من ذلك، لأن النهاية واضحة أمام أعينهم، ولأن المصيبة ستكون مصيبتين، ومع أن الحدث جللٌ كبير، فإن الصبر والاحتساب في مثل هذه الموافق الشديدة على النفس هي الأسلوب الأمثل الذي ترتفع به درجات الإنسان عند ربه، وتعلو به مكانته، مع ما يجد من عون الله له، ولطفه سبحانه وتعالى به.
وذلك أب يصله خبر مصرع أولاده الثلاثة في وقت واحد بعد أن ودَّعهم بدقائق معدودات، فيقف أمام الحقيقة العظمى التي لا مناص منها وقوف الصابر المحتسب الذي تدمع عينه ويحزن قلبه ولا يقول إلا ما يرضي به ربه، وهو على يقين - لا يقبل الشك - أن الأجر العظيم المدخر له عند الله سيكون أعظم وأكبر من المصيبة نفسها - برغم ضخامتها -.
وما نقوله عن الآباء هنا يتجه إلى الأمهات بصورة أشد وأعظم ونحن نؤمن أن للحزن أثراً عميقاً في النفس لا يمكن أن يتجاهله أحد وإنما نؤكد أن جانب الصبر والاحتساب، واللجوء إلى الله عز وجل هو الذي يخفف وقع المصاب، ويجزل لأصحابه الأجر والثواب.
وذلك أب يستعد للجلوس على مائدة طعامه مع أهله وأولاده، يفاجأ بوفاة إحدى فلذات كبده على الفراش بلا مرض ولا ألم، فينقلب الحال، ويتغير الموقف ولا يجد رادعاً لتيار الحزن الجارف إلا الصبر والاحتساب واللجوء إلى الله العلي العظيم.
وما من أحد من البشر يُصاب في عزيز عليه بمصيبة الموت إلا ويذكر مواقف حاسمة سبقت حالة الوفاة تدل على أن الإنسان يظل محدود العلم والمعرفة أمام علاَّم الغيوب المحيط بكل شيء، ولقد قال لي شابٌ كان جالساً عند رأس والده يخفف عنه ما كان يشعر به من الألم: والله إنني لم أستوعب المعنى العميق لقول الله تعالى {وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ ِوَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ} إلا في تلك اللحظة التي مات فيها أبي وأنا أنظر إليه.
قصص كثيرة، وأحداث كبيرة لا نملك إلا أن نستسلم فيها وفي غيرها لقضاء الله وقدره الذي لا يُرد، وأن نصبر ونحتسب وإنني لأبعث عبر هذه السطور برسالة عزاء صادقة إلى كل من قد فقد أو يفقد حبيباً، سائلاً المولى عز وجل أن يتغمد من يموت برحمته، ويمنَّ على الأحياء بنعمة الإيمان بالقضاء والقدر، والاستفادة من أحداث الموت في التوبة والإنابة لأن ساعة الرحيل المحددة لكل إنسان غائبة عن علم البشر {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}.
ثم إني أوجهها دعوة صادقة لكل مفجوع بفراق حبيب أن يصبر ويتجلد، ويرضى بقضاء الله، ويعلم علم اليقين أن الساعة المكتوبة لا مناص منها، وأن يترك استخدام كلمة (لو) فإنها تفتح عمل الشيطان ولكن ليقل (قدَّر الله وما شاء فعل).
قال رجل فقد ولده: يا حسرتي لقد أجبرته على ذلك المشوار الذي وقع فيه الحادث، لقد قسوت عليه، وكنت سبباً في وفاته.
قال له صاحبه: اتقِ الله يا أخي فأنت تحمل نفسك ما لا تحتمل، وأنت بهذا الكلام كمن يعترض على قضاء الله، فلا تجمع على نفسك مصيبتين، مصيبة فقد ولدك، ومصيبة غضب ربك، والله لو أن جميع قوى الأرض اجتمعت لتمنع ابنك من ذلك المشوار لما منعته ما دام أنَّ الله قد كتب عليه الموت فيه.
الصبر، الصبر، الصبر... هو الأسلوب الأمثل والأولى بكل مسلم يؤمن بالقدر خيره وشره.
أحسن الله عزاء الجميع وألهمهم الصبر والسلوان، وكفانا الله جميعاً شر الغفلة عن (هادم اللَّذات). تقبلوا مني التحية
| |
|